الثلاثاء، 19 فبراير 2013

سوبر وليد!




وليد طفل يهوى التحدي. علمته مرة ان لا شيء مستحيل مع الارادة وشرحت الفكرة من خلال امثلة مرتبطة بقصصه المفضلة وافلامه  وبرقت عيناه حين فهمها. وشرحتها له من خلال شخصيته كذلك.
كان لا يزال في الرابعة من عمره تقريبا، حين هدده ابوه باستخدام الشطة على شفتيه ان تفوه بكلام بذيء (مجرد تهديد)، فقرر وليد تذوقها ليواجه الخوف منها. واذا به بعد تلك التجربة يأكل طعام "حرّيفا" حارّا مع الشطة ودون تردد ليواجه اباه يوما انه لا يخاف تهديده!
اذكر انه كان اصغر من ذلك حين كان يخاف من لعبة محشوة، كانت نمرا كبيرا جميلا صديق ويني الدبدوب، وضعتها على ظهر خزانه وليد، وكانت هدية من مستمعة وفية.
كانت امي تلاحظ ان وليد يخافها كثيرا خاصة وقت النوم وطالبتني بالتخلص منها. لكن خالتي جعلته يواجه هذا الرعب واعطته النمّور ليرعبه ويضربه وجعلت منه تدريجيا لعبته المفضلة وصديقه الذي يداعبه ويشاكسه ويقبله وينام الى جانبه، ولازال يحتفظ بها لليوم.
وليد يهوى التحدي ولا يستسلم بسهولة ابدا ولا يقتنع الا بالمنطق. سألني عن الكتابة باليد اليسرى ولم هي حرام؟ ضحكت كثيرا واستعلمت منه عمن قال انها حرام؟ فرد صديقي في المدرسة. اكدت له ان ذلك ليس عيبا ولا حرام وهذه معتقدات خاطئة لكن هناك من يستطيع الكتابة باليد اليمنى ومن يستطيع الكتابة باليد اليسرى حسب "كيف الله خلقنا" لان هذا التفسير اسهل عليه اليوم من عبارة "الجينات"! قال انا ارغب بالكتابة باليد اليسرى فهل هذا ممكنا؟ قلت ممكن مع التدريب لكنه صعب. واخبرته قصة عمي نجيب كيف انه تدرب على الكتابة باليد اليسرى حين كسر اليمنى في لعبة كرة السلة! واعجبت القصة وليد. تدرون ما فعل؟ تدرب على الكتابة باليد اليسرى حتى اتقن الرياضيات تقريبا! نعم وليد لا يعرف المستحيل.
قرر تسلق شجرة في حديقة  فندق، لم امنعه لكني حذرته وانا ادعو الله ان يحميه، من انها مرتفعة ومنزلقة وصعبة التسلق، لكنه ظل يحاول الى ان اتقن تسلقها والقفز منها عدة مرات!
حاول تسلق الجدار المطاطي في الملاهي، خاف وتردد قليلا لكنه لما شاهد من هم اصغر منه يصلون القمة ويطلقون الجرس، قرر اطلاقه وفعل!
شاهد يوما رفاقه في البرج السكني يركبون "الرولر"، الاحذية ذات العجلات، فطلب شراء زوج له وتدرب عليها ليتقن الركوب في يوم واحد ما سهل عليه لاحقا التزلج على الجليد ليتقنه ايضا!
لم يرفض وليد تذوق انواع الطعام الجديدة بل انه يحب الغريب منها ويهوى البروكلي والخضار والفواكه على انواعها.
وليد طفل كريم يشارك العابه مع جميع اصدقائه في الصف وفي السكن.
وليد طفل ذكي جدا يسأل الكثير من الاسئلة وانا استمتع بالإجابة عليها واحاول قدر الامكان شرح الصورة الحقيقية الاقرب الى عقله.
وليد طفل حنون جدا خاصة مع اخوته فهو يعطي شقيقته جنا دواءها ويقبلها ويبكي احيانا لأنها لا تمشي، ورغم شغب عبدالله الصغير معه فهو لا يسمح لي بضربه ويحزن ويغضب كثيرا ان فعلت!

لا يوفر مناسبة للتعبير عن حبه بالحضن والقبلات لأننا في بيتنا نعبر عن الحب ونفخر به!

السبت، 16 فبراير 2013

يوميات عبدالله في الحضانة!



ذهب عبدالله الصغير اخيرا الى الحضانة، الاقرب الى البيت. وكنت اشعر في داخلي انه سيحبها وسيحب التفاعل مع الاطفال الآخرين بسرعة لكن ذلك لم يحدث تماما.
في اليوم الاول كما قرأتم سابقا كان ما كان. في اليوم الثاني كنت قد اتفقت مع الباص على ان يقله الى الحضانة صباحا. في السابعة والنصف كان ابني نائما فحملته واعطيته للمشرفة واقفلت باب الباص وهربت قبل ان يصحو ويبكي فأغير رأيي واعيده لفراشه وحضني.
وكنت اتصل كل عشر دقائق للاطمئنان عليه وكان الرد ايجابيا دائما انه نادرا ما يبكي بل انه يلعب ويحاول ان يتواصل مع الآخرين.
في الواحدة والنصف ظهرا ذهبت لإحضاره الى البيت، لم يبك لحظة رآني بل اسرع الي يقول: "ماما انا جيت هون تاني" ، فاستبشرت خيرا... في السيارة وفي الطريق الى البيت صار يسأل عن الحضانة وما فيها ويخبر ماذا فعل طوال اليوم ففرحت جدا وقلت في نفسي "الحمدلله"!
في اليوم الثالث صحا عبودي وانا البسه ثيابه معترضا ورافضا الذهاب الى الحضانة. شغلته بالايباد واخذنا نلاعبه انا وخالتي والخادمة ونزلنا الى بهو البرج في انتظار الباص. هو يرجوني الا يذهب الى الحضانة وانا احتال بالكلام لاني لا احب ابدا ان اكذب على اطفالي. فان قلت له حسنا لن تذهب فهو لن يذهب حتما. كان بودي حذرا لانه لم يستطع ان "يأخذ مني لا حق ولا باطل" يشعر في داخله دون شك اني اخبئ له امرا ما. ولحظة وصول الباص حملته وركضت الى الخارج وسلمته الى المشرفة وهو يبكي ويصرخ ويتشبث بثيابي ... كاد ينفطر قلبي ووددت لو اضمه الآن ونعود الى البيت نلعب ونضحك... لكن ذلك كلفني مع وليد 3 سنوات من البكاء صباحا اثناء الذهاب الى المدرسة، لانه لم يصمد لاكثر من ساعة في الحضانة بعد ان دفعت التكاليف كاملة، وكنت اقف خلف الباب انتظر ان يتوقف بكاؤه ولم يكن يتوقف فاقرع الباب بشدة واعيده معي الى البيت.
بالعودة الى عبودي، اكدت لي مشرفة الباص انه لم يبك الا لبضع دقائق وانه امضى يوما جيدا حتى انه تناول طعامه بالكامل. اعدته الى البيت ظهرا وانا استجوبه لاكتشف انه ليس رافضا تماما الذهاب لكن شرطه ان ابقى معه والا اتركه واذهب الى البيت...
منيت النفس ان يتغير الوضع في الايام القادمة. لكن في اليوم الرابع مرض عبودي وغاب 10 ايام متتالية... وعدنا الى نقطة الصفر.

الثلاثاء، 5 فبراير 2013

عبدالله في الحضانة، اخيرا!



بعد الكثير من الكر والفر والتأجيل تم تسجيل عبدالله الصغير في حضانة قريبة من البيت حتى يعتاد النظام كمقدمة لدخوله الى المدرسة في سبتمبر المقبل. قررت ماما اخيرا التغاضي عن رقة قلبها الشديدة تجاه صغيرها لانه بدأ يصبح الآمر الناهي في البيت، وهذه نتيجة حتمية للدلال المفرط . اذكر اني حين سجلت وليد في الحضانة، وكان يسميها كودودي اي Garderie، لم يلتزم لاكثر من بضع ساعات طوال الشهر، كنت اوصله واقف خارجا وان استمر في البكاء استمر بنفسي بقرع الباب الى ان يفتحوا لي لاحمله واهرب به الى اقرب مركز العاب، لانسيه صعوبة ورعب لحظات الفراق عني التي عاشها منذ قليل... اذكر ذلك واضحك كثيرا واندم في الوقت نفسه لاني لم" اقو قلبي " مع وليد وافرطت في حمايته وها انذا ادفع الثمن اليوم.
في اول يوم لعبدالله في الحضانة اوصلته بنفسي. رأى الالعاب من الخارج فاندفع الى الداخل ينظر الي بريبة فهو يعلم منذ اسبوع ان ثمة تغيير سيحصل في حياته اليوم وسوف يذهب الى المدرسة مثل اخيه الكبير هو يريد التمثل به وفي الوقت نفسه لا يرغب بترك ماما والبيت والرسوم المتحركة والآيباد والنوم ساعة يشاء. كانت نظرته غريبة اراها لاول مرة كانه واثق ومتردد، راض وغير راض، حذر وفي الوقت نفسه يرغب باللعب كالآخرين، ينظر الي وكله رغبة ان ابقى معه. اعطيت تعليماتي للمشرفة وانسحبت بهدوء. لكن لم ينته الموضوع هنا بل عدت بعد اقل من ساعة لارى المسؤولة سعيدة به يلعب مع غيره من الاطفال سعدت جدا وقررت الا يراني وانسحبت مجددا. لكني لم اتوقف عن الاتصال بهم كل نصف ساعة لارى ان كان يبكي او هل هو في انسجام مع المكان والآخرين.
مر اليوم بساعاته الطويلة من الثامنة والنصف صباحا حتى الثانية عشرة ظهرا. من المفترض ان اقله الى البيت بنفسي الساعة الواحدة والنصف، لكني لم استطع الانتظار لاضمه واطمئنه. كانت الفراشات تتطاير في معدتي والتوتر الشديد يعتريني.
لحظة دخولي الى الحضانة بادرتني المشرفات والمساعدات بسعادة انه تأقلم نوعا ما ولم يبك كثيرا... يعني انه بكى ولو قليلا! لكنه لم يذق طعامه ابدا بل كان يطلبني طوال الوقت. لحظة رآني كاد يغمى عليه ولم يعرف كيف يترك الالعاب ويركض نحوي او من اية بوابة صغيرة يخرج. انا فتحت البوابة بسرعة وكنت احمل له هدية وحلويات لكنه شدني الى المخرج بسرعة قائلا لا اريد هيا الى البيت. حملته وقبلته وركبنا السيارة الى البيت. في السيارة سألني: 
- وين انا لوحت؟ (اي اين ذهبت انا؟)
- كنت في كيدز وورلد ماما. لعبت مع الاطفال؟
- ليس لوحتي وتلكتيني؟ ( اي لماذا ذهبت وتركتني حيدا؟)
- ماما انا ذهبت لاحضر لك الآيباد وساعة جديدة وبيضة كيندر
- ياااي ( وهذه صرخة الفرح لبودي) لكنه قالها بهدوء وذهنه في مكان آخر واكمل قائلا: "انتي لوحتي وتلكتيني وهني اخدونيييي وضلبونيييي وعذبونيييي في بناية تانييي"!
نعم خياله واسع جدا. صرت اضحك وبدأت اسأله عن الايجابيات في يومه لكنه لم يذكر منها شيئا. لم يذكر الا فراقنا الصعب.
اذكر عندما ذهبت الى المدرسة في اليوم الاول وكنت في KG2، كيف انني كنت خجلة من البكاء حتى لا تصرخ علي امي وهي تحاول ان تريني كل ما هو جميل من العاب والوان في الصف، وانا لا اذكر اليوم غير وجوههم هي وخالي وعمتي كيف ودعونا انا وابنائهم و"تلكونا لحالنااا"، والخوف الذي اعتصر قلبي يومها. اذكر ايضا لعبة واحدة من العاب الصف حتى اكون دقيقة. ظللت متعلقة بمعلمتي العام باكمله، ابكي ان غابت بكاء مرا وان تركت الصف لاي سبب وان دخل عليها احد ووقفت لتكلمه، ابكي نعم مخافة ان تتركني هي ايضا.
لكن لحظة الفراق المرعبة التي انطبعت في ذاكرتي ولا تزال بمشاعرها حتى اليوم هي يوم اجريت جراحة لاتئصال اللوزتين واخذني طبيب البنج من امي وكان شكله مرعب، او ربما لم يكن. حدثني وضرب ظاهر يدي ليجد المكان المناسب الذي سيدخل فيه الابرة ربما صرخ فيّ بصوت مرتفع ايضا لاني بكيت، ولذلك افضل دائما ان يدخل اطفالي غرفة العمليات وهم نائمون تماما.
بالعودة الى عبدالله. عدنا الى البيت واكل كما لم يأكل من قبل. وتمسك بالايباد ناسيا حزنه. 
لحظة دخل اخوه من المدرسة ركض نحوه وصرخ: وليد وليد انا لوحت علمدرسة متلك!
اي ذهبت الى المدرسة مثلك. فرح وليد جدا وتمنى لو يغيب عن مدرسته يوما ليرافق عبودي الصغير الى حضانته وسأل بلهفة هل بكى؟ فقلت لا ليس كثيرا. فركض وليد الى عبودي وحمله وقبله فرحا.
ولحظة دخول بابا اسامة الى البيت ركض اليه عبدالله فرحا قائلا: انا لوحت عا سيكول وماما لاحت عالبيت زابتلي سوكولاته وانا ما كبيت! اي انه ذهب الى المدرسة وانا ذهبت الى البيت لاحضار الشوكولا وهو لم يبك!
لاحظت كيف انه اخبر كل شخص نسخة مختلفة من روايته حسب ميول المستمع. اي انه حاول تليين قلبي حتى لا يذهب مجددا الى الحضانة، واخبر وليد بما يجعله متشبها به واخبر والده بما يجعله فخورا به... ايه اذكى من مين!!!
اخبركم يوميات عبدالله في الحضانة لاحقا.