الأحد، 22 سبتمبر 2013

امسية في القصباء!



عاد وليد من المدرسة حزينا بعض الشيء لان عليه كتابة بعض الواجبات التي لم تكن في الحسبان. فهو يعلم ان مدرسته لا تعطي الطالب واجبات مدرسية! وبعد مراجعة مقرر الاسبوع اتضح ان تلك الواجبات لا تذكر وتكفيها نصف ساعة يوميا او اقل.
المهم، حاول التملص قدر الامكان من صفحة القراءة. الى ان ادخلت ال "buzz" المستوحى من برنامج مواهب العرب، وكان صوريا فقط امثله بيدي واطلقه مع كل كلمة خاطئة. اعجبته اللعبة، لكنه حاول التملص مجددا وسأل اذا بالامكان ان اصحبه الى ملعب كرة القدم في مجمع القصباء الترفيهي القريب من بيتنا. وافقت شرط ان ينهي القراءة دون اخطاء قبل غروب الشمس.
انهى القراءة بحماسة شديدة وارتدى لباس كرة القدم.
كنت اعلم ان هذه الملاعب يتم تأجيرها لمجموعات وبالساعة اي انه لن يتسنى له اللعب، لكن اعلم بالمقابل ايضا انه لن يصدقني حتى يرى بنفسه. 
جهزته للخيبة ونحن في الطريق:
- ماما وليد! ماذا نفعل لو كانت الملاعب مغلقة؟
- وهل تكون مغلقة؟
- لا اعلم الآن لكن ربما. الا تذكر اننا قصدناها مرة ولم نجد احدا؟
- نعم اذكر.
- اذا ماذا نفعل؟
- ربما نصعد "عين الامارات" ( وهو نسخة مصغرة من "عين لندن"، جولة تصل ارتفاع 60 مترا فوق الشارقة!)
- فكرة جيدة. لكن ما رأيك لو نزور عمتك؟ بيتها ملاصق.

ووليد يحب ابن عمته حبا جما فاقترح ان نصحبه معنا في جولة في القصباء. فجهزته لخيبة اخرى وشرحت اننا في وسط ايام مدرسة وابن عمتك ينام باكرا ويدرس قبل النوم، فربما لن يخرج معنا في هذا الوقت، وكانت الساعة تقارب السابعة مساء.
زرنا بيت العمة زيارة سريعة وخرجنا بمفردنا، وليد وانا (كما توقعت) الى جولة في القصباء.
وصلنا المجمع، اشترى وليد البطاطس المقلية واختار رحلة صغيرة في قارب من مجموعة جديدة تتسع لثلاثة اشخاص يقودها احدهم بنفسه! اعجبته الفكرة وقاد القارب بنا قرابة عشر دقائق. علمته كيف يستغل تلك الدقائق الجميلة في الماء والهدوء وضوء القمر للاسترخاء! وفعلا نسي حزنه (لان ابن عمته لم يرافقه) واندمج مع ماما في حديث مطول. هو يسأل الكثير من الاسئلة وانا استمتع بالاجابة. اسئلة مثل:
- ماذا يحدث لو سقطنا في الماء؟
- ماذا يحدث لو اصطدم القارب بالحائط؟
- ماذا يحدث لو اصطدم القارب بقارب آخر؟
- هل الماء نظيف؟
- ما الذي يطوف على الماء؟ (عامة يكون كيس نايلون)
- لماذا لون الحائط مختلف؟
- لماذا تنعكس الصور في الماء؟

احتجت للكثير من الماء بعد تلك الدقائق العشر.... دقائق مليئة بنور من عيني وليد وحب مشع من قلبه الصغير، يخاف على ماما ويسأل ان كانت يدها تؤلمها ليستلم دفة القيادة من جديد!
كان قد بدأ في المجمع منذ ايام مهرجان الفقاعات والبالونات! اثارنا الفضول، وما هي الا دقائق حتى ملأ الصابون شعر وليد وثيابه وملأت ضحكاته الاجواء لتخفف من وطء الرطوبة الثقيلة! كنت اراقبه بفرح شديد واصور حركاته وسكناته واتمنى لو كان عبودي الصغير معنا! كان نائما حين قررنا الخروج.
نفخ وليد فقاعات صابون من كل الاحجام وقفز وهلل وفرح.
واثناء جولتنا في دولاب "عين الامارات" تفرج على صوره وافلامه من هاتف ماما وقرأ تعليقات بابا من لندن، تناول بعض المكسرات سرا، لان الطعام والشراب ممنوعان في مقصورات العين! ضحك واختبأ ولعب دور العميل السري مع حبات الفستق، كنت ارقبه واقبله بعيني وقلبي وشفتي، لا يرفض حضني وقبلتي ابدا، حبيبي...
ورشة اشكال البالونات كانت المحطة التالية، شكل كلبا ومسدسا واصبح راعي العرض صديقه، مازحه وليد وفرح برفقته.
كان من المفترض ان تكون هذه المحطة الاخيرة. انها العاشرة ليلا! موعد النوم ولى منذ ساعتين! 
وليد كان جائعا وهو يحب المقبلات الاماراتية، فقصدنا مقهى فنيال في القصباء وطلب وليد الشاي الكرك واللقيمات والخبز والتمر والعسل وحدثني عن "ارنولد" ... شوارزينيغير ما غيره! واخذ الحديث منحا مختلفا:
- ماما شاهدت ارنولد على يوتيوب يعرض عضلاته في مسابقة كمال الاجسام!
- نعم ماما ارنولد كان بطل كمال اجسام قبل ان يصبح ممثلا!
- ماما اريد ان يكون لي عضلات مثل ارنولد! هل ال body building جيد؟ كيف تكبر العضلات؟ ماذا يأكلون؟ ماذا يشربون؟ هل يحملون الاثقال؟ (ويقولها وليد تقال مع تسكين التاء)
- حسنا حبيبي اسألني سؤالا واحدا في كل مرة! العضلات تكبر في التدريب المستمر وطبعا يأكل الرياضي الكثير من البروتينات ويشرب خلطات البروتين التي يشربها بابا احيانا ويحمل الاثقال!
- ما هي البروتينات التي يأكلها؟
- التونة واللحم والدجاج البيض والحليب مثلا!
- ماما هل الbody building  جيد ؟ ولماذا يبني الرجل عضلاته؟
- الرجل يبني عضلاته ليحسن شكله ويظهر قوته، لكن ماما ال mind building هو اهم من بناء العضلات؟
- ماذا يعني ذلك؟
- هل تنفعك العضلات اذا لا تعرف استخدامها؟ يجب ان تبني ذهنك وعقلك وتصبح ذكيا جدا ايضا حتى يحترمك الآخرون. بالعقل حبيبي يصبح كل شيء ممكنا. العقل اقوى عضلة.
اعطيته مثالا من فيلم grown ups وضحكنا كثيرا، لو شاهدتم الفيلم لعرفتم المشهد المقصود.
وطلبت اليه ان يحاول حركة صعبة جدا شبه مستحيلة، حاولنا سويا تحريك اصابع اليدين على صدرنا، يد تتحرك اصابعها صعودا ونزولا واليد الاخرى تتحرك اصابعها نقرا، على ان تتحرك اليدان سويا!
ان الامر تقريبا شبه مستحيل! لكن بالعقل والتركيز والتلاعب البسيط، انجزناه ولكم ان تكتشفوا السر بانفسكم!
اراد وليد عند وصوله الى البيت في العاشرة والنصف ان يشاهد فيلما في السرير، هذا امر مسموح عامة مع موعد السرير في السابعة! بعد ان استحم، خلد الى الفراش وغفا بعد عشر دقائق من بداية الفيلم، يحلم بالفقاعات والالوان والعضلات، ليخبرني عن احلام جديدة وتساؤلات اخرى في يوم جديد صباح الغد!

الأحد، 14 يوليو 2013

روح حرة!



روح حرة طليقة حبيسة هذا الجسد العاجز. لكن الروح ليست عاجزة... ابدا.
ارى بعيني وارى بقلبي من يحبني.
اسمع باذني واسمع بقلبي النغمات التي تفرحني.
لا اطمح للكثير، لا اطمح بكسر هذا العجز كليا، ربما ليس في حياتي هذه!
اطمح ان اشارك الاطفال الآخرين دراجاتهم بسرعة مماثلة لسرعتهم حتى يتسنى لي ان اختبر الهواء يداعب وجهي واطلق ضحكات كضحكاتهم.
اطمح ان اقف باللرولر (rollers) كما يفعل اخي، فيصفق الجميع لموهبتي في التوازن.
اطمح ان يلعب معي كل اطفال الجيران كما يلعبون مع اخوتي.
اطمح ان امتلك كل حذاء يعجبني عله يكون الحذاء السحري لفك عجزي فامشي.
امي تتمنى ان ارافقها الى صالون التجميل لكني لا احب صخبه، فتصطحب بنات عماتي. تتمنى ان تضع لي طلاء الاظافر والماكياج لكني لا اسمح لها. واتمنى في المقابل ان تحضنني كثيرا وتحدثني كثيرا وتقبلني كثيرا وتلعب معي وتخبرني القصص وتستمع لقصصي، لكنها دوما مشغولة عني باخوتي، اعرف انها تحبني. انا ايضا احبها. 
اتمنى ان يأخذني بابا في نزهة صغيرة في سيارته كما يصطحب اخواي، فنفتح السقف ونستمع الى الاغاني والهواء يداعب وجهي. لكن بابا ايضا مشغول، لكن اعرف انه يحبني كما احبه.
ماما وبابا يفقدان صبرهما احيانا ويغضبان مني، اعذرهما واصمت، فانا لا اقصد ان اوقع الطعام او الشراب او ان ابلل نفسي، واتعلق احيانا كثيرا بكرسي متحرك جديد او دراجة ما! اعرف انهما يحباني وانا احبهما ايضا.
اخي الصغير علمني احرف الابجدية الانكليزية ونحن نغنيها سويا ويلعب معي احيانا. احزن واصرخ حين يبكي ويصرخ. احب ثيابه ايضا وثياب وليد واحذيته اكثر. ربما العب الكرة يوما ما وانا ارتديها. هو يغضب حين ارتديها لانها تأخذ شكل قدمي المشوهة قليلا وانا ازحف بها على الارض وافسدها، لكنه يعود ويشفق علي ويعطيني ما اريد عله في المقابل ينال حذاء جديدا. احبه كثيرا وليد، يعطيني الدواء ولا ارفض حين يمسك الحقنة بيديه الصغيرتين ويلمس وجهي بحنان ويصفق لي ويضحك حين اتناول الدواء من يديه، انسى انه مر او لزج، افرح كثيرا بلحظة حميمة مع اخي.
احب جدتي زلفا كثيرا لانها ترى روحي، وجدتي ديبة لانها تصلي لاجلي كثيرا، وجدي عصام لانه يداعبني دون ملل، وجدتي وفاء لانها تصبر علي اكثر من نفسي، والاكثر خالتي هنادي لانها تعرف ما اريد قبل ان اشير او احاول ان انطق به.
انا جنا، عشر سنوات، شلل دماغي!

الجمعة، 21 يونيو 2013

من يوميات عبدلله في البيت!



كل ام تعتقد انها لن تجد طفلا مشاغبا اكثر من طفلها واحدى الامهات في اميركا وضعت كتابا كاملا عما تفتقت عنه مخيلة اطفالها! 
وعبدلله كباقي الاطفال المشاغبين لديه مخيلة خصبة تغني ايامنا بالضحك والتوتر في آن!
فبعد ان دخل غرفته وافرغ في دقائق كل محتوى صناديق الالعاب اضف اليها الوسائد والاغطية، نادى : "ماما تعي شوفي خربت البيت!" 
وبعد ان فعل ذلك عن سبق اصرار وتصميم اصبح اي امر آخر متوقعا ومقبولا.... احيانا!
فقد نادتني الخادمة يوما لان المغسلة مسدودة والمياه ستتدفق منها ولا تنساب فيها، وقالت سافتحها من اسفل لاتحرى السبب. ويا لهول ما خبأ فيها عبودي! قلم، وبكلة شعر ومطاطة صغيرة، وقطعة حلوى وقطع صابون وورقة... كان في السابق حين يعمد الى سد المغسلة عمدا، يركض ويخبرني، الآن بات يترك لعنصر المفاجأة الدور الرئيس!
عادي ان اكون جهزت القهوة ليشربها زوجي بهدوء، فيجد في فنجانه قطعة بازل.
عادي ان اتتني باقة ورد، ان ينثر عبودي ورق الورد في كل البيت.
ليس من العادي ان يضيع الريموت كونترول لنجده بعد شهر في مزهرية البامبو، في حالة من الغرق بات فيها يشبه المخلوقات المائية.
عادي ان اتناول ابريق الشاي من الخزانة لاجده مليئا بالعاب صغيرة بحثنا عنها مطولا قبل يوم او اثنين.
عادي ان يفرغ المملحة كاملة فوق طبقه، او ان يضع الارز في كوب العصير، لكن ليس من العادي ان يدخل الحمام ويفرغ عبوتين كاملتين من مزيل العرق، واحدة لي واخرى لوالده "حتى ما حدا يزعل". حملها وضغط على "زنادها" حتى فرغت تماما. كيف تحمل الرائحة لا اعلم علما اننا كدنا نهرب من البيت.
فاذا نسيت باب غرفتي مفتوحا حتما ساودع علب الماكياج والعطور والكريمات، لست مستعدة لخسارة ما خسرته يوما بين انامله المبتكرة، لذلك فان باب غرفتي مقفل دائما حتى اشعار ىخر.
الخطوط على الجدران تكون صفراء يوما وخضراء في ايام اخرى، او زهرية، لونه المفضل الذي يسميه "يا بنات" على اسم اغنية نانسي عجرم التي يعشقها. وبعد الكثير من الصراخ والتأنيب بخصوص الكتابة على الجدران، ضبطته يوما يخرج من الحمام مع خرقة مبلولة محاولا محو آثار اقلامه عن جدار الغرفة .. دون جدوى!
يفقدني صوابي احيانا لكنه حين يعتذر ويصر على solly bliiiz اي sorry please، لا استطيع الا ان احضنه واقبله بشدة واضحك واتحاور معه لاسمع عباراته اللذيذة:
زغال تعني غزال
تحلقا تعني تلحقا اي تلحق بها
assahala يعني مركز صحارى وهو مركز تسوق
نلوح تعني نروح وخلبتا تعني خربتا اي خربتها!
zelo هي zero باختصار كل حرف "راء" يقوله "لام"
سخّنا اي حركها وتقال لتحريك السكر في الشاي او اي امر مماثل.
زالود هو الجارور
وfolozday هو ال father's day وقد احتفل به في المدرسة مؤخرا!

الأربعاء، 19 يونيو 2013

بعد العودة من المدرسة!



يعود صغاري الاعزاء من المدرسة كل في وقت مختلف.

 يصل عبدلله الصغير اولا الساعة الثانية عشرة ظهرا. يقبلنا ونقبله قبل ان يدخل مباشرة الى المطبخ ويفرد على الطاولة ما تبقى من طعامه ليلتهمه كله، ربما نصف ساندويش او قطعة كايك، او تفاحة او بعض العنب، المهم ان شعر بالجوع بعد ذلك يطلب طعامه المفضل، بيض مقلي او ارز، ويحمل طبقه الى غرفته ويشاهد فيلما من اختياره. بعد ان شبع تماما، يخلع ما تبقى من ملابسه ويبدا بالركض والصراخ في البيت، عاريا تماما لبعض الوقت. قد يستاء لذلك من في البيت لكني ادافع عن عبودي الصغير فهو "يعبر عن نفسه" بذلك ويتفلت من القيود... هه هه هه ، كما خلقتني يا الله! ثم يجلس بهدوء بعد ان تعب من القفز والصراخ و يحمل الايباد او اللاب توب. لعب او مشاهدة افلام يوتيوب او yo tuob كما يقولها عبدلله. ونبدأ نحتال عليه لنعيد الباسه بعض الثياب، الداخلية على الاقل. ننجح في اغلب الاحيان لكن الامر يتطلب بعض الوقت!

تصل جنا الجميلة حوالي الساعة الثانية والنصف. وحين تدخل البيت على كرسيها المتحرك "الجديد"، وهي تحبه ولا تفارقه، نحتشد امامها للغناء:
 "اهلا وسهلا جيتينا بحسك ونّستينا
حسك بالبيت بيسلي، وشوفة جنا بتحيينا"
وهي تفرح وتصفق وتضحك.
ثم نقبلها كل بدوره، ماما وعبودي وتيتا وفاء والخادمة نورة. تدخل جنا الحمام لتغير ثيابها وتغسل وجهها ويديها. وتبدأ مرحلة الرفض!
لا و no لكل شيء واحيانا تضحك في سرها لانها تعلم اننا سنغضب ونحتار كيف نرضيها. 
لا تريد ارتداء ثيابها، لا تريد "ملابس حلوة" كما تسميها، ولا ملابس جديدة، بل تريد ملابس ليست لها. مرة لتيتا وفاء ومرة لماما جنان وغالبا لعبدلله الصغير او وليد. تفرغ الخزائن لتختار ما يعجبها، واحيانا تختاره في الصباح قبل الخروج الى المدرسة وتبقيه في حقيبتها لتلبسه حين تعود او تسأل عنه لحظة وصولها. وفي كل فترة يكون لجنا طعاما مفضلا، وعلى رأس القائمة الارز بانواعه والسلطات التي تحوي المعكرونة.
تشبع وتنام.

في تمام الرابعة او قبلها بدقائق يصل وليد البيت. يا هلا ومرحبا.
يدخل احيانا مبتسما ويرتمي في احضاني واقبل شعره مع رائحة اللعب والعرق الجميلة.
واحيانا يدخل متجهما ان كان قد تشاجر مع احد زملاء الباص. يدخل دون سلام او كلام، مباشرة الى غرفته، صافعا الابواب، وهذه اشارة لي حتى الحق به واساله ما به، على ان اصدق نسخته من القصة-الحادثة. وطبعا انا اعلم تماما من اسلوب الرواية والصوت وحشد الاحداث، اين كان هو مخطئا واين كان على صواب. فاكثر من الاسئلة حتى اصل الى الحقيقة كاملة. فاقبله واراضيه واقوي ثقته بنفسه، و... تبدأ المعركة.
ارجوه ان يغسل يديه جيدا قبل تناول الطعام، وان غير ملابسه ، ان يضع ملابس المدرسة المتسخة في وعاء الغسيل. لكنه طبعا يسارع الى تناول اي شيء يحبه عن سفرة الطعام بيد متسخة، ليسمع صراخي، يوميا منذ اشهر. واركض بعدها خلفه الملم ثيابا مبعثرة من المدخل الى الغرفة. فردة حذاء تطير وتستقر على الكنبة، اخرى في الممر، جارب قرب السرير، والآخر فوق الخزانة، بنطال على الارض وقميص تحت الطاولة. وابدا بالصراخ: "وليد! لم اطلب منك سوى غسل يديك ووضع الثياب في الغسيل" واصرخ ولييييد! وهو يبدا في اختيار ملابس اخرى، وهنا عرض آخر من الثياب المبعثرة! ومعدل تغيير ثيابه في الساعة الاولى من وصوله الى البيت من المدرسة، 3 مرات على الاقل. حاولت مرة ان افهم السبب وربما هو بسبب نوع اللعبة، فلكرة القدم مع جيرانه ثياب مختلفة عن لعب الايباد او الدراجة او السباحة طبعا. فتوقفت عن الاعتراض. المهم بعد ان يرتدي ثيابا ويساعدني على لملمة الفوضى التي احدثها في الدقائق الثلاث الاولى، يبدأ بدوره تعبيره عن نفسه بالصراخ والقفز فوق الكنبة الكبيرة في الصالة. احيانا يكون جائعا جدا لان وقت اللعب في المدرسة اهم من وقت الاكل، واحيانا يتناول طعامه في الباص في طريق العودة فلايكون جائعا الا للعب. اعطيه عادة ساعة للهو قبل الدراسة في الخامسة او الخامسة والنصف.
والطامة الكبرى لحظة الدرس. نادرا جدا ما يجلس الى طاولة الدرس دون اعتراض وبكاء وصراخ و"انبطاح في الارض" وكزّ اسنان وشد يدين ورجلين. كنت اغضب اثناء ثورته، لكني صرت انتظر انتهاءها لانه بات متأكدا انه لن يخرج للعب قبل انتهاء الدرس مهما كان حجم الاعتراض او شكله او اسلوبه.

يلعبون، يستحمون، يتناولون طعام العشاء، ينامون. وتنتهي دورة اليوم، وفي صباح الغد، دورة جديدة!

لا احب!




لا احب حين يحل ابنائي مشاكلهم بالصراخ!
لا احب حين يضربون بعضهم.
لا احب حين يبعثرون العابهم، واوراقهم، واوقلامهم، وثيابهم، واحذيتهم، فيصبح من المستحيل ان تدخل الغرفة!
لا احب حين يعاندون... بشدة!
لا احب حين يعصون طلباتي حتى لا اقول اوامري، مرارا وتكرارا!
لا احب حين يهملون ابسط قوانين النظافة!
لا احب حين يرفضون طعاما تعبت في اعداده.
لا احب حين يستعرضون العصيان في الاماكن العامة!
لا احب الاوقات العصيبة في الدراسة!
لا احب حين البي طلباتهم وانا غير مقتنعة بها دون ان ادري كيف لبيتها!
لا احب حين اسمع عنهم او اضطر ان القبهم ب " بلا مربى" " ما تربيتوا".... بل يسوؤني اني الملامة...
لكني احبهم، احبهم دون قيد او شرط، بقبلاتي الحارة واحضاني اليومية، وقصصي ونصائحي، احبهم لانهم نعمي مجتمعة!

لا احب حين اصرخ بهم بشكل هستيري!
لا احب حين اضرب احدهم لاي سبب كان انتقاما !
لا احب حين لا اقوى على اللعب معهم!
لا احب حين اخفق في موقف ما!
لا احب حين لا اقوى على وضعهم في السرير باكرا!
لا احب حين لا استطيع اقناعهم بوجهة بظري!
لكني احب كوني امهم، يعلموني الامومة كما اعلمهم الدخول في الحياة، كل يوم!

احب حين يشاركوني خبز قالب الحلوى!
احب حين يختارون ثيابهم بنفسهم!
احب حين يدعون الاصحاب ويقدمون لهم الطعام والشراب.
احب حين يفرحون بزيارة الاقارب.
احب حين يبكون على صدري، ويشكون المهم لي لانهم على ثقة بان لدي الحل.
احب حين نشاهد فيلما سويا ويمطرونني بالاسئلة!
احب حين نبحث في غوغل عن صور ومعلومات اثارت اهتمامهم.
احب حين نختار اغان ونرقص على ايقاعها سويا.
احب حين نخرج للسباحة او النزهة او الغداء كاسرة.
احب حين اخبرهم ان لا مستحيل في هذه الدنيا وان الارادة والمحبة اقوى سلاحين.
لا احب ان ابتعد عنهم حتى وان ناشدت الراحة والوحدة قليلا، حتى وان كنت مع نفسي فانا اناقشها عنهم واسألها عن الافضل لهم واخطط معها لمستقبلهم واحب معها ابتساماتهم واصواتهم وقفزاتهم.
احبهم!


الثلاثاء، 11 يونيو 2013

معركة اثبات السلطة!



لمعركة اثبات السلطة في البيت مراحل...

المرحلة الاولى: الطلب! Request
الطفل يتقرب من ماما بهدوء ويختار جملا منمقة يصدر عنها طلبه الخاص على امل ان توافق ماما من المرة الاولى. مثلا الذهاب سيرا على الاقدام الى الدكان المجاور لشراء الحلويات. (علما انه لدينا منها ما يفتح دكانا!)

المرحلة الثانية: ماما تدرس الطلب! Processing
وفي هذه المرحلة مفترق طرق:
الطريق الاول : ماما تحاول ان تقنع الطفل بان طلبه غير منطقي!
الطريق الثاني: ماما توافق وتعطيه المال وقد تذهب معه او ترسل معه الخادمة او تتصل بالدكان لاحضار الطلب!

المرحلة الثالثة -  المنبثقة عن الطريق الاول: محاولة اقناع ماما Persuasion 
الطفل يحاول بشتى الطرق اقناع ماما بطلبه:
الطريقة الاولى: الصراخ والشتم بان انت اسوأ ام في الدنيا ترفضين كل طلباتي لا تسمحين لي بشراء شيء، علما انها ربما المرة الاولى للرفض منذ زمن!
الطريقة الثانية: البكاء المصطنع مع الجهد لانزال دموع حقيقية ودعمها بحجج واهية مثل "اريد نوعا غير متوفر في البيت" ،"وعدت اصدقائي بان اطعمهم معي"، " لااحب الشوكولا التي في البيت"...
الطريقة الثالثة: دمج الطريقة الاولى والثانية لمدة تتعدى الدقائق العشرعلى امل ان تمل ماما وينفذ صبرها وتخضع للامر الواقع وتلبي الطلب!

المرحلة الثالثة المنبثقة عن الطريق الثاني:
الطفل يحضن ماما ويطبع قبلة على خدها ويقلدها وسام افضل ماما في الدنيا!

المرحلة الرابعة: ( ما بعد الاستعراض الباكي) And the Winner is 
الطفل يسيطر اذا ماما اذعنت "ما بعد الاستعراض"، وانتقلت في دقائق من اسوأ ام لافضل ام محققة رقما قياسيا مميزا!
ماما تسيطر ان اصرت على موقفها وتحملت" الاستعراض" الى ان يهدأ طفلها، ويقتنع بحلولها ورأيها!



الاثنين، 3 يونيو 2013

علمتني امي!



علمتني امي ان المهم ان من نحبهم سعداء وليس المهم ان يكونوا بجانبنا!
علمتني امي ان جبران على حق في قوله "اولادكم ليسوا لكم اولادكم ابناء الحياة والحياة لا تكون في منازل الامس!"
علمتني ان اعمل عملي كاملا ولو "بالسخرة"!
علمتني ان اكون مع الحق ولو على قطع عنقي وليس "انا وخيي ع ابن عمي وانا وابن عمي عالغريب"!
علمتني ان الباب الذي يأتيك منه الريح سده واستريح!
علمتني ان اتكلم بحساب حتى لا يزل لساني.
علمتني ان اعتذر حين اخطئ واكدت ان هذا يرفع من شاني ولا يقلل من قدري!
علمتني ان اسعى لما اريد دون الاتكال على احد، علمتني انه ما حك جلدك مثل ظفرك!
علمتني اني لن احمل معي من هذه الدنيا الا سمعتي وكفني....