الأحد، 22 سبتمبر 2013

امسية في القصباء!



عاد وليد من المدرسة حزينا بعض الشيء لان عليه كتابة بعض الواجبات التي لم تكن في الحسبان. فهو يعلم ان مدرسته لا تعطي الطالب واجبات مدرسية! وبعد مراجعة مقرر الاسبوع اتضح ان تلك الواجبات لا تذكر وتكفيها نصف ساعة يوميا او اقل.
المهم، حاول التملص قدر الامكان من صفحة القراءة. الى ان ادخلت ال "buzz" المستوحى من برنامج مواهب العرب، وكان صوريا فقط امثله بيدي واطلقه مع كل كلمة خاطئة. اعجبته اللعبة، لكنه حاول التملص مجددا وسأل اذا بالامكان ان اصحبه الى ملعب كرة القدم في مجمع القصباء الترفيهي القريب من بيتنا. وافقت شرط ان ينهي القراءة دون اخطاء قبل غروب الشمس.
انهى القراءة بحماسة شديدة وارتدى لباس كرة القدم.
كنت اعلم ان هذه الملاعب يتم تأجيرها لمجموعات وبالساعة اي انه لن يتسنى له اللعب، لكن اعلم بالمقابل ايضا انه لن يصدقني حتى يرى بنفسه. 
جهزته للخيبة ونحن في الطريق:
- ماما وليد! ماذا نفعل لو كانت الملاعب مغلقة؟
- وهل تكون مغلقة؟
- لا اعلم الآن لكن ربما. الا تذكر اننا قصدناها مرة ولم نجد احدا؟
- نعم اذكر.
- اذا ماذا نفعل؟
- ربما نصعد "عين الامارات" ( وهو نسخة مصغرة من "عين لندن"، جولة تصل ارتفاع 60 مترا فوق الشارقة!)
- فكرة جيدة. لكن ما رأيك لو نزور عمتك؟ بيتها ملاصق.

ووليد يحب ابن عمته حبا جما فاقترح ان نصحبه معنا في جولة في القصباء. فجهزته لخيبة اخرى وشرحت اننا في وسط ايام مدرسة وابن عمتك ينام باكرا ويدرس قبل النوم، فربما لن يخرج معنا في هذا الوقت، وكانت الساعة تقارب السابعة مساء.
زرنا بيت العمة زيارة سريعة وخرجنا بمفردنا، وليد وانا (كما توقعت) الى جولة في القصباء.
وصلنا المجمع، اشترى وليد البطاطس المقلية واختار رحلة صغيرة في قارب من مجموعة جديدة تتسع لثلاثة اشخاص يقودها احدهم بنفسه! اعجبته الفكرة وقاد القارب بنا قرابة عشر دقائق. علمته كيف يستغل تلك الدقائق الجميلة في الماء والهدوء وضوء القمر للاسترخاء! وفعلا نسي حزنه (لان ابن عمته لم يرافقه) واندمج مع ماما في حديث مطول. هو يسأل الكثير من الاسئلة وانا استمتع بالاجابة. اسئلة مثل:
- ماذا يحدث لو سقطنا في الماء؟
- ماذا يحدث لو اصطدم القارب بالحائط؟
- ماذا يحدث لو اصطدم القارب بقارب آخر؟
- هل الماء نظيف؟
- ما الذي يطوف على الماء؟ (عامة يكون كيس نايلون)
- لماذا لون الحائط مختلف؟
- لماذا تنعكس الصور في الماء؟

احتجت للكثير من الماء بعد تلك الدقائق العشر.... دقائق مليئة بنور من عيني وليد وحب مشع من قلبه الصغير، يخاف على ماما ويسأل ان كانت يدها تؤلمها ليستلم دفة القيادة من جديد!
كان قد بدأ في المجمع منذ ايام مهرجان الفقاعات والبالونات! اثارنا الفضول، وما هي الا دقائق حتى ملأ الصابون شعر وليد وثيابه وملأت ضحكاته الاجواء لتخفف من وطء الرطوبة الثقيلة! كنت اراقبه بفرح شديد واصور حركاته وسكناته واتمنى لو كان عبودي الصغير معنا! كان نائما حين قررنا الخروج.
نفخ وليد فقاعات صابون من كل الاحجام وقفز وهلل وفرح.
واثناء جولتنا في دولاب "عين الامارات" تفرج على صوره وافلامه من هاتف ماما وقرأ تعليقات بابا من لندن، تناول بعض المكسرات سرا، لان الطعام والشراب ممنوعان في مقصورات العين! ضحك واختبأ ولعب دور العميل السري مع حبات الفستق، كنت ارقبه واقبله بعيني وقلبي وشفتي، لا يرفض حضني وقبلتي ابدا، حبيبي...
ورشة اشكال البالونات كانت المحطة التالية، شكل كلبا ومسدسا واصبح راعي العرض صديقه، مازحه وليد وفرح برفقته.
كان من المفترض ان تكون هذه المحطة الاخيرة. انها العاشرة ليلا! موعد النوم ولى منذ ساعتين! 
وليد كان جائعا وهو يحب المقبلات الاماراتية، فقصدنا مقهى فنيال في القصباء وطلب وليد الشاي الكرك واللقيمات والخبز والتمر والعسل وحدثني عن "ارنولد" ... شوارزينيغير ما غيره! واخذ الحديث منحا مختلفا:
- ماما شاهدت ارنولد على يوتيوب يعرض عضلاته في مسابقة كمال الاجسام!
- نعم ماما ارنولد كان بطل كمال اجسام قبل ان يصبح ممثلا!
- ماما اريد ان يكون لي عضلات مثل ارنولد! هل ال body building جيد؟ كيف تكبر العضلات؟ ماذا يأكلون؟ ماذا يشربون؟ هل يحملون الاثقال؟ (ويقولها وليد تقال مع تسكين التاء)
- حسنا حبيبي اسألني سؤالا واحدا في كل مرة! العضلات تكبر في التدريب المستمر وطبعا يأكل الرياضي الكثير من البروتينات ويشرب خلطات البروتين التي يشربها بابا احيانا ويحمل الاثقال!
- ما هي البروتينات التي يأكلها؟
- التونة واللحم والدجاج البيض والحليب مثلا!
- ماما هل الbody building  جيد ؟ ولماذا يبني الرجل عضلاته؟
- الرجل يبني عضلاته ليحسن شكله ويظهر قوته، لكن ماما ال mind building هو اهم من بناء العضلات؟
- ماذا يعني ذلك؟
- هل تنفعك العضلات اذا لا تعرف استخدامها؟ يجب ان تبني ذهنك وعقلك وتصبح ذكيا جدا ايضا حتى يحترمك الآخرون. بالعقل حبيبي يصبح كل شيء ممكنا. العقل اقوى عضلة.
اعطيته مثالا من فيلم grown ups وضحكنا كثيرا، لو شاهدتم الفيلم لعرفتم المشهد المقصود.
وطلبت اليه ان يحاول حركة صعبة جدا شبه مستحيلة، حاولنا سويا تحريك اصابع اليدين على صدرنا، يد تتحرك اصابعها صعودا ونزولا واليد الاخرى تتحرك اصابعها نقرا، على ان تتحرك اليدان سويا!
ان الامر تقريبا شبه مستحيل! لكن بالعقل والتركيز والتلاعب البسيط، انجزناه ولكم ان تكتشفوا السر بانفسكم!
اراد وليد عند وصوله الى البيت في العاشرة والنصف ان يشاهد فيلما في السرير، هذا امر مسموح عامة مع موعد السرير في السابعة! بعد ان استحم، خلد الى الفراش وغفا بعد عشر دقائق من بداية الفيلم، يحلم بالفقاعات والالوان والعضلات، ليخبرني عن احلام جديدة وتساؤلات اخرى في يوم جديد صباح الغد!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق