رن جرس الهاتف المتحرك واذا بصديقة لم اسمع صوتها منذ اكثر من عام، ولذلك لم استطع الاعتذار بذريعة الاتصال في وقت لاحق كما هي عادتي في وقت الغداء والدرس بعد عودة الاطفال من المدرسة.
كنت قد جهزت لوليد طعامه على ان يتناوله ومن ثم يرتاح قليلا او يلعب البلاي ستايشن وبعد الاستراحة نبدأ الدرس.
وكان عبدالله الصغير يرافقه ليغيظه من وقت لآخر، يأخذ اقلامه او يحمل دفاتر وليد ويهرب او يمد له لسانه او يشتمه بعباراته المضحكة ليغضبه، وفي المقابل وليد "يولع" كالموقد.
هدأت وليد ليتناول غداءه، وعبدالله مقابل البلاي ستايشن، عندما رن جرس الهاتف المتحرك وبدأت حديثي مع صديقتي، ولدينا الكثير لنقوله ونسأل عنه. ولم تكد تمر ثوان على بدء المكالمة، حتى بدأ وليد وعبدالله بالشجار والصراخ والقفز على الكنبة ومناداة ماما...
وانا احاول الهروب من غرفة الى اخرى لاسمع محدثتي بهدوء دون تشويش الصراخ ودون جدوى! دخلت غرفتي واقفلت الباب فبدآ بركل الباب بشدة فتحته على ان يهدآ قليلا، لكن بدأت الالعاب البهلوانية على السرير. اطفأت نور الغرفة وهممت باقفال الباب علهما يخرجان، ذهبت الى الصالون فلحفا بي حتما وانا لازلت على الهاتف.
وصار وليد يتناول البطاطا المقلية مع الكاتشاب ويقفز على الارض مثل الغوريلا تاركا بصمات يديه واصابعه العشرة "بالزيت" على الارض التي كانت ... نظيفة.
هنا بدأت دمائي تغلي وترتفع الى رأسي وانا احاول ان اهدئ نفسي حتى لا تظهر نبرة الغضب في صوتي.
اشير اليهما بالصمت لاسمع واتكلم بهدوء، دون جدوى ايضا. اقفلت اذني لانصت بالاخرى وانا اراقب وليد يترك طعامه وينقض على سلة الفاكهة في الصالون. وليد يحب الفاكهة ويأكل منها اشكال والوان، لكن عبدالله يقلده فقط بقضم مختلف الحبات قضمة واحدة ورميها وفتح الموز ورميه، ولو لم انه المكالمة عند ذلك الحد لكان عبودي قضى على سلة الفاكهة كاملة...
هذا نموذج مما يحصل في حال حاولت التحدث في الهاتف وابناي في عهدتي.. انه امر شبه مستحيل لا يتم الا اذا كانا يلعبان بعيدا في طابق آخر من المبنى او نائمان او في المدرسة بالنسبة لوليد.
ورغم اني حذرتهما اكثر من مرة واكدت عليهما ضرورة التزام الصمت وعدم مناداتي او التحدث الي وانا على الهاتف لكن دون جدوى طبعا.
فاعذروني اذا لم ارد في وقت من الاوقات!