السبت، 14 يناير 2012

بابا حبيبي...


في ذلك الصباح، وانا في طريقي الى العمل، طوال مسافة بين امارتين حبيبتين، وقبل شروق الشمس بقليل، كنت اطلب من ربي ان يطيل عمرك ابي، والا يحرمني من نعمة وجودك في حياتي وحياة ابنائي.
اراقب من بعيد صبرك على الاحفاد وحبك الجم لبناتك ولاطفالي وحرفيتك الفطرية في التعامل مع احفادك كما كنت دوما معنا، شقيقتي وانا!
فتارة تلاعب عبدالله وتارة تناقش وليد وطورا تداعب جنا. قبلة من هنا وضمة من هناك، توزع حنانك في كل لفتة وسكنة.
جلسة القهوة البسيطة على الشرفة تغنيك عن افضل رحلة سياحية، بل ان الابتعاد عن احفادك ولو لساعة، ترفضه بشدة!

نعايش اليوم ايام السلام تحت جناح حبك كما عايشنا ايام الحرب في احضانك، نشعر بالامان، رفضت ان تترك بيتك في سنوات الازمات الطويلة، ولم تخف من قذائف غيرت معالم حينا، لكنها لم تغير ثقتك بلبنان.

علمتني ان ما فات قد مات...
علمتني ان المال لحاجته فقط، واللي جابه بيجيب غيره...
علمتني ان اللحظات السعيدة لا تعوض...
علمتني ان الحياة تستمر مهما حصل،
علمتني ان اتكل على الله في رزقي،
علمتني ان التضحية واجبة تجاه ابنائنا،
علمتني وعلمتني و ما زلت تعلمني... الحب غير المشروط.

الاثنين، 9 يناير 2012

ماما تشاهد التلفزيون!


Desperate Housewives من مسلسلاتي المفضلة على الشاشة الصغيرة، ومنذ اصبحت اما لثلاثة اطفال رائعين وانا اشاهد التلفزيون بنسبة قليلة جدا... جدا. واحيانا ما اشاهده يقتصر على اغنيات نجوى كرم التي تحبها جنا وبن تن الذي يحبه وليد وتوم وجيري الذي يحبه عبدالله.
مرت اشهر الآن وربما سنة على آخر حلقة شاهدتها من مسلسلي المفضل. ومنذ يومين وانا اقلب القنوات كانت حلقة جديدة على وشك ان تبدأ ففرحت كثيرا خاصة وان هناك من يهتم بالاطفال في هذه النصف ساعة حتى اشاهد الحلقة، وكنت في غاية الانسجام بتفاصيلها وتقمصت بطلاتها بسرعة وركزت في حواراتهن ومواقفهن... الى ان قرر عبدالله ان يقف على طاولة الصالون امامي مباشرة ليثير انتباهي وانا احاول المتابعة وازيح رأسي يمنة ويسرة واقف واجلس بعكس حركاته.... وعبدالله ليس الوحيد الذي استغرب انسجام امه الشديد بما يعرض على الشاشة الصغيرة، فما كان من وليد الا ان بدا بالصراخ "انا جائع انا جائع" وطلب طعاما محددا لا يحتاج للكثير من التحضير، لكن ماما كان ردها: اصبر الى ان تنتهي الحلقة...
مرت دقائق سريعة قطعت الشاشة المسلسل لبث الاعلانات، شعرت ماما بالكثير من تأنيب الضمير وقالت لنفسها:" لهذا انا لا اشاهد التلفزيون!" وقامت على الفور وجهزت لوليد طعامه. وبعد ان تناول عبدالله ووليد طعامهما وطبعا الصغير عبودي استعرض مهاراته الكاملة بوضع بصماته الملطخة بالصلصة في كل مكان لان ماما غافلة عنه وسارحة مع الزوجات اليائسات في المسلسل، حان وقت تناول الدواء للطفلين. ولولا العناية الإلهية لكان الصغير تناول جرعة الكبير خطأ بعدما كان المشهد حساس وغفلت ماما عن عبودي تماما!
وعبدالله يفكر في قرارة نفسه "كل ذلك وماما لا تعرني انتباها!" فوضع يده الوسخة في كوب الماء الذي يشرب منه اخوه فصرخ وليد :" ماما يده كلها طعام! اريد كوبا آخر." ماما تصرخ للشغالة باحضار كوب ماء ولا تزيح عينيها عن الشاشة...
انتهت الحلقة وماما لا تزال تفكر بالمواقف التي تعرضت لها بطلات المسلسل على مر مواسم العرض وعبدالله يفرغ محتوى كوب الماء على الارض.

ماما تعلمت درسا: لا لمشاهدة التلفزيون!