
كنت اعلم بل كنت واثقة تماما في طفولتي ان لكل مشكلة حل في يد امي. لكل داء دواء في جعبتها خاصة انها كانت تسبق حاضرها في تحليلها للامور وتفكيرها وبعد نظرها. كانت تعرف الدواء لكل مرض يصيبني وقد انقذني وعيها من الموت وانا في العاشرة حين شكت في ان عوارض المي كانت "الزائدة الدودية" ونقلت الى المستشفى لعملية جراحية طارئة في الثانية صباحا.
اذكر بشكل مبهم المرض الجلدي الذي الم بي وانا في الرابعة، اذكر ان قريبة لي سألتني عن سبب التقرحات في رجلي وانا ارتدي التنورة لاول مرة منذ فترة بسبب خجلي من هذا الطفح الجلدي المستشري وكنت على درج البيت. واذكر رائحة زيت الزيتون الذي نقعت فيه في مزار مارالياس لعدة مرات لعل الندر لمارالياس يشفيني ولبست ثوبه كذلك، لكن لم اشف الا حين تم استئصال اللوزتين ومن تلك العملية لا اذكر الا لحظة الرعب حين تم تسليمي لطبيب البنج واخذني بعيدا عن حضن ماما وانا ابكي واصرخ وهو يضرب يدي ليجد المكان المناسب لابرته! ويضحك ويحادثني وكأن شيئا لم يكن، هذا الرجل الضخم الملتحي المخيف سرقني من ماما ويريد "غزي بابرة" وهو يضحك ! كل ما فكرت فيه في تلك اللحظة هو اني لن ارى ماما ثانية، وهل تتخيلون لحظات مرعبة اكثر من ذلك!
كانت تلك الحادثتين ابرز ما مررت به من حوادث اساسية تدعو للقلق، وكل ما عدى ذلك كان يكفي لحله لمسة من يد ماما و"دواء احمر" او كليب او بتنوفات! وعلى سيرة الكليب تذكرت الآن حين احرقت يدي بالجمر! نعم وحادث ثالث ينضم للحادثين الماضيين! كنت العب مع ابن عمتي وخالي توأمي بول في بيت كنا نستأجره في مصيف برمانا في لبنان، نركض حول الكراسي في الباحة الخارجية واذا بي اسقط في "منقل الجمر" ويدي تدخل في نار خامدة لكنها كافية لحرق جلد طفلة صغيرة(لم اعد اذكر سني) ، سارعت امي في وضع طبقات من مرهم الكليب على مكان الاصابة الظاهرة حتى اليوم على معصم يدي اليمنى، وجلست في حضنها اصرخ وابكي!
واليوم ومن خلال ابني وليد اعرف ان التخلص من الالم عملية ذهنية قبل ان تكون جسدية ولي في ذلك مع وليد تجارب عدة سارويها في قصص لاحقة.